الأمم المتحدة: وقف الحرب بين الولايات المتحدة والحوثي فرصة لإحياء السلام
في ظل تحذيرات من كارثة إنسانية في اليمن
أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن إعلان وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة أنصار الله (الحوثيين) في السادس من مايو يمثل فرصة "مرحب بها" يجب البناء عليها بشكل جماعي، لإعادة تركيز الجهود على حل الصراع في اليمن وقيادة عملية سلام يمنية شاملة.
وأشاد غروندبرغ، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، بجهود سلطنة عمان في تحقيق الاتفاق، مشددًا على أن التحديات الراهنة في اليمن لا تزال "هائلة"، وتشمل انعدام الثقة العميق بين الأطراف، واستمرار استعداد بعض الجهات للعودة إلى القتال، والانهيار الاقتصادي الوشيك وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن الوضع الحالي في اليمن، رغم هدوء نسبي على جبهات القتال، لا يمكن وصفه بالسلام الحقيقي، مؤكدًا تطلع اليمنيين إلى مستقبل أفضل يتطلب دعمًا دوليًا مستمرًا، واستراتيجية سياسية شاملة بقيادة يمنية.
دعوة للحوار
أكد المبعوث الأممي أنه عقد لقاءات مع الأطراف اليمنية والمجتمع الدبلوماسي في الرياض ومسقط، شدد خلالها على أهمية المضي في مسار سياسي تفاوضي، وأضاف: "تحمل اليمنيون أكثر من عشر سنوات من عدم الاستقرار والانهيار الاقتصادي. أسمع معاناتكم، وسأبقى ملتزمًا بتحقيق السلام".
ودعا غروندبرغ الأطراف إلى التحلي بالشجاعة واختيار الحوار، مطالبًا المجتمع الدولي بمضاعفة جهوده لتقديم بدائل واقعية للحرب، وتحقيق رؤية تتجاوز الوضع الراهن.
وتطرق إلى ملف الاحتجاز التعسفي لموظفي الأمم المتحدة والعاملين في منظمات دولية ومدنية على يد جماعة أنصار الله، معتبرًا أن هذه الانتهاكات لا تُعد فقط مخالفة للقانون الدولي، بل تؤثر سلبًا في الدعم المقدم لليمن.
ورحب بالإفراج عن بعض الموظفين، لكنه أكد أن الإفراجات غير كافية، وطالب الحوثيين بإطلاق سراح جميع المحتجزين فورًا ومن دون شروط.
تحذيرات إنسانية صارخة
قال توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن الوضع الإنساني في اليمن يواصل التدهور، مشيرًا إلى أن نصف أطفال اليمن -أي 2.3 مليون طفل- يعانون من سوء التغذية، بينهم 600 ألف في حالة حرجة.
أضاف أن نسبة التطعيمات بين الأطفال منخفضة للغاية، ما يؤدي إلى تفشي أمراض يمكن الوقاية منها مثل الحصبة والكوليرا، موضحًا أن اليمن سجل أكثر من ثلث حالات الكوليرا في العالم العام الماضي.
وأكد أن 1.4 مليون امرأة حامل ومرضع يعانين من سوء التغذية، في حين تحتاج 9.6 مليون امرأة وفتاة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
حذر فليتشر من نقص حاد في التمويل، مشيرًا إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2025 لم تتلق سوى 9% من التمويل المطلوب، وأوضح أن هذا العجز سيؤدي إلى إغلاق 400 مرفق صحي، من بينها 64 مستشفى، ووقف خدمات ضرورية لملايين المدنيين.
تمثيل النساء في المفاوضات
بدوره، أكد السفير إيفانجيلوس سيكيريس، الممثل الدائم لليونان لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر، دعم بلاده ودول أخرى لحقوق النساء والفتيات في اليمن، داعيًا إلى مشاركة كاملة وآمنة وهادفة لهن في كافة مراحل عملية السلام.
وشدد على ضرورة الالتزام بنسبة تمثيل المرأة 30% كما أقرها مؤتمر الحوار الوطني، وعلى أهمية الدور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمرأة في جهود التعافي وإعادة الإعمار.
وأدانت المجموعة الدولية الاحتجازات والانتهاكات التي تتعرض لها النساء والعاملات في المجال الإنساني، مطالبة بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين، ووقف الأعمال الانتقامية ضد المدافعات عن حقوق الإنسان.
وأشادت المجموعة بمساهمة منظمات المجتمع المدني النسائية في جهود السلام، لا سيما في تسهيل إيصال المساعدات، وإجلاء المدنيين، والدعوة إلى فتح المعابر وإطلاق السجناء.
منذ اندلاع النزاع في اليمن عام 2014، يعيش البلد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث قتل وأصيب مئات الآلاف، وتضرر الاقتصاد والبنية التحتية بشكل بالغ، وعلى الرغم من المبادرات الدولية والهدن المتكررة، لا تزال فرص السلام تعترضها تحديات سياسية وإنسانية عميقة، وتسعى جهود الأمم المتحدة بقيادة المبعوثين المتعاقبين لإطلاق عملية سلام شاملة بقيادة يمنية، وسط دعوات متزايدة لتعزيز دور المرأة وحماية المدنيين.